الخميس، 21 مارس 2013

حروف الجر الزائدة

تعـريف الزيادة

****************
            الزيادة كما قال السيوطي  (1984: 247) هي:  " أن يكون دخولها كخروجها من غير إحداث معنى ".  وقال ابن يعيش: " وقد أنكر بعضهم وقوع الأحرف زوائد لغير معنى ، لأنه إذ ذاك يكون كالعبث ، و ليس يخلوا إنكارهم لذلك من أنهم لم يجدوه في اللغة ، أو لما ذكروه من المعنى ، فإن كان الأول فقد جاء منه في التنـزيل والشعر مالا يحصى . وإن كان الثاني فليس كما ظنوه ، لأن قولنا  " زائد " ليس المراد أنه دخل لغير معنى  البتة ، بل زيد لضرب من التأكيد ، و التأكيد معنى صحيح "  .

الخلاف في تسمية الزيادة.
******************************
       قال ابن يعيش في كتاب شرح المفصل: " الزيادة و الإلغاء من عبارات البصريين ، و الصلة و الحشو من عبارات الكوفيين (السيوطي ،  1984:  248)
        وقال السخاوي من النحاة من قال في هذه الحروف إذا جاءت صلة ، لأنها قد وصل بها ما قبلها من الكلام . ومنهم من يقول : زائدة ، و منهم من يقول:  لغو ، و منهم من يقول:  توكيد. و أبى بعضهم إلا هذا ، ولم يجز فيها أن يقال صلة ولا لغو ، لئلا يظن أنها دخلت لا لمعنى البتة .   (السيوطي ،  1984: 247)
وقال ابن الحاجب في كتاب شرح المفصل:  " حروف الزيادة سميت حروف الصلة ، لأنها يتوصل بها إلى زنة أو إعراب لم يكن عند حذفها .
وقال الأندلس في كتاب شرح المفصل " أكثر ما تقع الصلة في ألفاظ الكوفيين ، ومعناه أنه حروف يصل به كلامه ، و ليس بركن في الجملة ولا في استقلاله المعنى . (السيوطي ،  1984:  248)                                                         

الغرض من إتيان الزيادة في الكلام

**************************************
وقال الأندلس:  والغرض بزيادة هذه الحروف عند سيبويه  " التأكيد " قال عند ذكره: " فبما نقضهم ( النساء: 155) فهي لغو في أنها لم تحدث ، إذ جاءت شيئا لم يكن قبل أن تجيء من العمل و هو توكيد الكلام . (السيوطي ،  1984:   248)
وقال السيوطي:  قيل:  إنما سميت زائدة ، لأنها لا تتغير بها أصل المعنى ، بل لا يزيد بسببها إلا تأكيد المعنى الثابت و تقويته ، فكأنها لم تفد شيئا لما لم تغاير فائدته العارضة الفائدة الحاصلة قبلها   (السيوطي ،  1984:  249)
ثم قال السيوطي (1984،1:249-250) : وأما الفائدة اللفظية فهي تزيين اللفظ ،  و كونه بزيادتها أفصح ، أو كون الكلمة أو الكلام بسببها مهيئا لاستقامة  وزن الشعر أو حسن السجع أو غير ذلك من الفوائد اللفظية ، ولا يجوز خلوها من الفوائد اللفظية و المعنوية معا ، و إلا لعدت عبثا ، ولا يحوز ذاك في الكلام الفصحاء ، ولا سيما كلام الباري تعالى و أنبيائه عليهم الصلاة و السلام .

الزائدة في الآيات القرآنية

*****************************
          بالاستقراء و التتبع في الآيات القرآنية اتضح لنا وضوحا لا غيار فيها بورود أساليب قرآنية تتخلل فيها الزوائد الكثيرة ، و هذه الزوائد تارة تكون حروفا و أحيانا تكون أسماء ، وأخرى تكون أفعالا . فالأسماء في قوله تعالى  (( ويبقى وجه ربك )) ، أي ربّك. فالأفعال .. ( السيوطي ، 1987/ 1: 332 ) و محور بحثنا هي الحروف . لا ، الأسماء ، ولا الأفعال .فيما يلي نذكرها على حسب الترتيب الأبجدي بدءا من :
            "  أَنْ ، الباء ، الفاء ، الكاف ، اللام ، لا(النافية) ، ما ، مِنْ ، ثم الواو "

عينية أبى ذؤيب الهذلى

عينية أبى ذؤيب الهذلى
*****************
أَمِنَ المَنُونِ وَرَيبِها تَتَوَجّعُ؟ … والدّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قَالَتْ أُمَيْمَةُ: ما لِجِسْمِكَ شَاحِباً ... مُنْذُ ابْتُذِلْتُ وَمِثْلُ مَالِكَ يَنْفَعُ
أَمْ مَا لِجِسْمِكَ لاَ يُلاَئِمُ مَضْجَعاً … إلاّ أَقَضّ عَلَيْكَ ذَاكَ المَضْجَعُ
فَأَجَبْتُها: أَمّا لِجِسْمِي إنّهُ … أَوْدَى بَنيّ مِنَ البِلاَدِ، فَوَدّعُوا
أَوْدَى بَنيّ، فَأَعْقَبُوني حَسْرَةً، … بَعْدَ الرُّقادِن وَعَبْرَةً مَا تُقْلِعُ
سَبَقُوا هَوَيَّ، وأَعْنَقوا لِهَوَاهُمُ … فَتَخَرِّموا، ولكلّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
فَغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ نَاصِبٍ، … وَإخالُ أَنّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبِعُ
وَلَقَدْ حَرَصْتُ بِأَنْ أُدافِعَ عَنْهُمُ، … وَإذا المَنِيّةُ أَقْبَلَتْ لاَ تُدْفَعُ
وإذا المَنِيّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَها، … أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لا تَنْفَعُ
فَالعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأَنّ جُفُونَها … سُمِلَتْ لِشَوكٍ فَهِيَ عُورٌ تَدْمَعُ
وَتَجَلُّدِي للشّامِتِينَ أُرِيهمُ … أَنّي لِرَيبِ الدّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُ
حتى كَأَنّي لِلْحَوادِثِ مَرْوَةٌ، … بِصَفَا المُشَقَّرِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ
لاَبُدّ مِنْ تَلَفٍ مُقيمٍ، فانْتَظِرْ … أَبِأَرْضِ قَوْمِكَ أَمْ بِأُخْرَى المَضْجَعُ
وَلَقَدْ أَرَى أنّ البُكَاءَ سَفَاهَةٌ، … وَلَسَوْفَ يُولَعُ بِالبُكَا مَنْ يُفْجَعُ
وَليَأْتِيَنّ عَلَيْكَ يَوْمٌ مَرّةً … يُبْكَى عَلَيْكَ مُقَنَّعاً لا تَسْمَعُ
وَالنّفْسُ رَاغِبَةٌ إذا رَغّبْتَها، … وإذا تُرَدُّ إلى قَلِيلٍ تَقْنَعُ
كَمْ مِنْ جَمِيعي الشّمل ملتئمي الهوى … كَانُوا بِعَيْشٍ نَاعِمٍ،فَتَصَدّعُوا
فَلَئِنْ بِهِمْ فَجَعَ الزّمَانُ وَرَيْبُهُ، … إنّي بِأَهْلِ مَوَدّتي لَمُفَجَّعُ
وَالدّهْرُ لا يُبقي على حَدَثَانِهِ، … جَوْنَ السَّرَاةِ له جَدَائدُ أَرْبَعُ
صَخْبُ الشّوَارِبِ، لا يَزَالُ كَأَنّهُ … عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسْبَعُ
أَكَلَ الجَمِيمَ، وَطَاوَعَتْهُ سَمْحَجٌ … مِثْلٌ القَنَاةِ، وَأَزْعَلَتْهُ الأمْرُعُ
بِقَرَارِ قِيعَانٍ سَقَاهَا صَائِفٌ، … واهٍ، فَأَثْجَمَ بُرْهَةً لاَ يُقْلِعُ
فَمَكَثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضِهِ، … فَيَجِدُّ حِيناً في العِلاَجِ وَيَشْمَعُ
حتى إذا جَزَرَتْ مِيَاهُ رُزُونِهِ … وَبأَيّ حَزِّ مَلاَوَةٍ يَتَقَطّعُ
ذَكَرَ الوُرُودَ بِهَا، وَسَاوَمَ أَمْرَهُ … سَوْماً، وَأَقْبَلَ حَيْنَهُ يَتَتَبّعُ
فَاحْتَثّهُنّ مِنَ السَّوَاءِ، وَمَاؤُهُ … بَثْرٌ، وَعَانَدَهُ طَرِيقٌ مَهْيَعُ
فَكَأَنّهُنّ رَبَابَةٌ، وَكَأنّهُ … يَسَرٌ يُفِيضُ عَلَى القَدَاحِ وَيَصْدَعُ
وَكَأَنّها بالجِزْعِ جِزْعِ يَنَابِعٍ، … وَأُولاتِ ذي الحَرَجَاتِ نَهبٌ مُجْمَعُ
وَكَأنّمَا هُوَ مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ … في الكَفّ، إلاّ أَنّهُ هُوَ أَضْلَعُ
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَجْلِسَ رَابيء الضُّــــــــرَبَاءِ فَوْقَ النّجْمِ لاَ يَتَتَلّعُ
فَشَرَعْنَ في حَجَراتِ عَذْبٍ بَارِدٍ …حَصِبِ البِطَاحِ تَسيخُ فِيهِ الأكْرُعُ
فَشَرِبْنَ ثُمّ سَمِعْنَ حِسّاً دُونَهُ … شَرَفُ الحِجَابِ، وَرَيْبَ قَرْعٍ يُقْرَعُ
وَهَمَاهِماً مِنْ قَانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، … في كَفّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
فَنَكَرْنَهُ فَنَفَرْنَ، وَامْتَرَسَتْ بِهِ … عَوْجَاءُ هَادِيَةٌ وَهَادٍ جُرْشُعُ
فَرَمَى، فَأَنْفَذَ مِنْ نَحُوصٍ عَائِطٍ، … سَهْماً، فَخَرّ وَرِيشُهُ مُتَصَمِّعُ
وَبَدَأ لَهُ أَقْرَابُ هَذَا رَائغاً … عَجِلاً، فَعَيّثَ في الكِنانَةِ يُرْجِعُ
فَرَمَى فَأَلْحَقَ صَاعِدِيّاً مِطْحَراً … بِالكَشْحِ، مُشْتَمِلاً عَلَيْهِ الأضْلُعُ
فَأَبَدّهُنّ حُتُوفَهُنّ، فَظالِعٌ … بِذَمَائِهِ، أَوْ سَاقِطٌ مُتَجَعْجِعُ
يَعْثُرْنَ في عَلَقِ النَّجِيعِ كَأنّمَا … كُسِيَتْ بُرُودَ بَني يَزِيدَ الأذْرُعُ
وَالدَّهْرُ لاَ يَبْقى عَلَى حَدَثَانِهِ … شَبَبٌ أَفَزَّتْهُ الكِلاَبُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الضّرَاءُ الدّاجِنَاتُ فُؤَادَهُ، … فَإذَا يَرَى الصّبْحَ المُصَدَّقَ يَفْزَعُ
يَرْمِي بِعَيْنَيْهِ الغُيُوبَ وَطَرْفُهُ … مُغْضٍ، يُصَدِّقُ طَرْفُهُ مَا يَسْمَعُ
وَيَلُوذُ بِالأرْطَى، إذَا مَا شَفَّهُ … قَطْرٌ، وَرَاحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
فَغَدَا يُشَرِّقُ مَتْنَهُ، فَبَدَا لَهُ … أُولى سَوابِقِهَا قَرِيباً تُوزَعُ
فانْصَاعَ مِنْ حَذَرٍ، فَسَدّ فُرُوجَهُ … غُضْفٌ ضَوارٍ وَافِيَانِ وَأَجْدَعُ
فَنَحَا لَهَا بِمُذَلَّقَيْنِ، كَأنّما … بِهمَا مِنَ النُّضْجِ المُجَزَّعِ أَيْدَعُ
يَنْهَشْنَهُ، ويَذُودُهُنّ، وَيَحْتَمي … عَبْلُ الشَّوَى بِالطُّرَّتَينِ مُوَلَّعُ
حَتّى إذا ارْتَدّتْ وَأَقْصَدَ عُصْبَةً … مِنْهَا، وَقَامَ سَوِيدُها يَتَصَرَّعُ
وَكَأَنّ سَفُّودَيْنِ لَمّا يُقْتِرَا … عَجِلا له بِشِواءِ شَرْبٍ يُنْزَعُ
فَرَمَى لِيُنْقِذَ فَذَّهَا، فَأَصَابَهُ … سَهْمٌ، فَأَنْفَذَ طُرّتَيْهِ المَنْزَعُ
فَكَبا كَمَا يَكْبُو فَنِيقٌ تَارِزٌ، … بِالخَبْتِ، إلاّ أنّهُ هُوَ أَبْرَعُ
وَالدَّهْرُ لاَ يَبْقَى على حَدَثَانِهِ … مُسْتَشْعِرٌ حَلَقَ الحَدِيدِ مُقَنَّعُ
حَمِيَتْ عَلَيْهِ الدِّرْعُ، حَتّى وَجْهُهُ ... مِنْ حَرِّهَا، يَوْمَ الكَرِيهَةِ، أَسْفَعُ
تَعْدُو بِهِ خَوْصَاءُ يَقْصِمُ جَرْيُها … حَلَقَ الرِّحالَةِ فَهِيَ رِخْوٌ تَمْزَعُ
قُصِرَ الصَّبُوحُ لَهَا فَشُرِّجَ لَحْمُها ... بِالنَّيِّ فَهِيَ تَثُوخُ فِيهَا الإِصْبَعُ
تَأْبَى بِدِرَّتها، إذا ما اسْتُغْضِبَتْ، … إلاّ الحَمِيمَ، فإنّهُ يَتَبَضّعُ
مُتَفَلِّقٌ أَنْسَاؤُهَا عَنْ قَانىءٍ، … كَالقُرْطِ صاوٍ غُبْرُهُ لاَ يُرْضَعُ
بَيْنَا تُعَانِقُهُ الكُمَاةُ، وَرَوْغُهُ … يَوْماً، أُتِيحَ لَهُ جَريءٌ سَلْفَعُ
يَعْدوُ بِهش عَوْجُ اللَّبانِ كَأَنّهُ … صَدَعٌ، سَلِيمٌ عَطْفُهُ، لا يَظْلَعُ
فَتَنَازَلا، وَتَواقَفَتْ خَيْلاَهُما، … وَكِلاَهُمَا بَطَلُ اللّقاءِ، مُخَدَّعُ
يَتَحَامَيَانِ المَجْدَ، كُلٌّ وَاثِقٌ … بِبَلاَئِهِ، فَاليَوْمُ يَوْمٌ أَشْنَعُ
فَكِلاَهُمَا مُتَوشَّحٌ ذَا رَوْنَقٍ، … عَضْباً، إذَا مَسَّ الأيَابِسَ يَقْطَعُ
وَكِلاهُمَا في كَفّهِ يَزَنَيّةٌ … فِيهَا سِنَانٌ كَالمَنَارَةِ أَصْلَعُ
وَعَليْهِمَا مَاذِيّتَانِ قَضَاهُمَا … دَاوُدُ، أَوْ صَنَعُ السّوَابِغِ تُبّعُ
فَتَخَالسَا نَفْسَيْهِمَا بِنَوافِذٍ، … كَنَوَافِذِ العُبُطّ التي لا تُرقَعُ
وَكِلاَهُما قَدْ عَاشَ عِيْشَةَ مَاجِدٍ، … وَجَنَى العُلَى، لَوْ أنّ شَيئاً يَنْفَعُ
فَعَفَتْ ذُيُولُ الرِّيحِ بَعْدُ عَلَيْهِما، … والدَّهْرُ يَحْصُدُ رَيْبَهُ ما يُزْرَعُ